تابعنا على الفيس بوك

الثورة منبر من لا منبر له / المهدي بن احمد طالب


شهدت بعض دولنا العربية ثورات تنفس البعض منها الصعداء ، تغيرٌ في الخارطة السياسية ، وإعادة جديدة لكتابة التاريخ حين توقف الزمن .
إننا في عالم قد يصدق عليه قول عنترة العبسي  
               حكّم سيوفك في الرقاب العذل *** وإذا نزلت بدار ذل فارحــــــل
               وإذا بليت بظالم كن ظـــــالما  ***  وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
أو قول القائل : "إن لم تكن ذئبا أكلتك الذآب "
كانت بداية القصة بحرب الخليج على صدام حسين وما نتج عنها من تغيرات مورفولوجية ، أدت إلى انقسام عالمنا العربي إلى طائفتين ـ مؤيد للحرب ومعارض له ـ وبعد الهزيمة النفسية التي تركها صدام في نفوس البعض وتهديداته للكيان الصهيوني بإزالته من الكرة الأرضية حينها فهم الأمريكان اللعبة .
جاءت أحداث 2001م وكانت هي الضربة القاسمة لعالمنا العربي والإسلامي ،وأصبح منطق تعامل الغرب يدور على رحاها حين قال المشئوم " إمّا معنا وإمّا ضدنا "
احتُلّ العراق وعُلق صدام في حبل المشنقة يوم العيد لتكون ضربة قاسية للمعجبين به ومن أيده من الثوريين والبعثيين والقوميين في حرب الخليج ليدفعوا الثمن غاليا.
كانت فاتورة الخسائر البشرية على الغرب باهظة ، أدت في وقت لاحق إلى إفلاس القوم اقتصاديا وأخلاقيا على ما جنوه في " أبوغريب "
وصل الرئيس أوباما إلى سُدت الحكم وقال في أحد خطاباته " أنه سيغير الأنظمة العربية بدون خسائر آمريكية " وكان صادقا في مقولته .
أحرق أحد البُؤساء في تونس نفسه لتبدأ الشرارة وينطلق عرس الدم في محفل رهيب من المصفقين وكان من بين المدعوين للحفل" الجزيرة ، الإخوان ، الكادحين ، القرضاويين " وانتهت الأمسية بهروب " بن علي " خائبا إلى السعودية .
وفي نفس اللحظات نُقلت العدوى إلى كلِ من مصر وليبيا وسوريا واليمن ولم تكن قناة جزيرة قطر عن ذاك ببعيد .
لم تكن أيام مُبارك حينها مباركة فشعبه المحتقن من الداخل يطالب بكسرة خبز وحرية إعلامية ، وإخوانية حاكمة  كل هذه الشعارات أدت إلى سقوطه من هرم السلطة ودخوله في غيبوبة ملازمة .
أمّا طاغية ليبيا فيبدوا أنّ كلامه المتناثر لم يعجب الخليجين حيث وصفهم في قمّة " شرم الشيخ " بأنهم رجال تحت الصفر وأن العُروبة منهم بريئة ....الخ فدفعوا الغالي والنفيس من أجله .
لكني مع ثُوار ليبيا أقول : ما الفرق بين همجيتكم وهمجية القذافي ؟ بربرية هنا وبربرية هناك ، وحشية هنا ووحشية هناك ، فعلام الثورة إذن ؟ ومن أجل من؟
بعض ثوراتنا وللأسف لم تأتي أكلها بل أصبحت شرا مما كان ، كان القذافي يقتل شهوة وأنتم لا يعرف أحد فيم تقتلون ؟
قُتل في هذه الحرب وحدها أكثر من 50000ألف شخص فهل القذافي يُساوى هذا العدد؟ أم أن عسكر الصلابي وجماعته المرابطين في جزيرة قطر يتلقون الوحي من السماء ؟
ثُمّ ماذا يقول القرضاوي ومن يدور في فلكه عن أرواح هؤلاء ؟ من يتحمّلها ؟ هل نسيت شيخنا الكريم قولك في منبرك (قناة الجزيرة) اقتلوه فأنا أتحمل دمه ؟
ألا تعلمون قوله عليه السلام
" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دمًا حرامًا "
وقوله " يجيء المقتول آخذًا قاتله وأوداجُه تشخب دمًا عند ذي العزة، فيقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني. فيقول: فيم قتلتَه؟ قال: قتلتُه لتكون العزة لفلان. فيقول الله تعالى  للقاتل: تعستَ. ويُذهب به إلى النار". 
وكذالك "لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم؛ لكبّهم الله جميعًا على وجوههم في النار"
 وكذالك "من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة، كُتب بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله"
 وكذالك "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم"
وكذالك قوله حين كان يطوف بالكعبة "ما أطيبكِ وما أطيبَ ريحكِ! ما أعظمكِ وما أعظمَ حرمتكِ! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك؛ ماله ودمه".
أنّ الذين قتلهم القذافي سيقتص الله لهم منه والذين أفتوا من ماتوا سيقتص لهم من مَن؟
نحن لا ندافع عن القذافي وأمثاله نُدافع عن حرمة دم المسلم  فأين كتاباتك في مقاصد الشريعة يا قرضاوي ؟ أين القواعد الفقهية يا من  يدور في فلك القرضاوي ؟
ألا تعلمون أن الحجاج ابن يوسف قتل أكثر من 120000ألف شخص وكان في عصره "الحسن البصري وسعيد بن جبير وووو" لكن هؤلاء لمّا قارنوا المفسدتين رأو أن بقاء  الحجاج خير من مقاتلته ، وحينها  قال الحسن البصري " أيها الناس الحجاج غضب الله فتعوذوا بالله من غضبه " .
نحن لا نقارن حكّامنا بالحجاج وكذلك لا نقارن عُلماءنا بعلماء الحجاج فهم الطبقة العليا من التابعين .
أليس من القواعد الفقهية " أن الضرر لايزال بمثله " وكذالك " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح "
كل هذا القتل من أجل وصول جماعة مّا إلى سدة الحكم ، والزعم بأن الخلافة الإسلامية قامت ؟
يا ليت الجميع رجع إلى قول القائل "قيموا دولة الإسلام في أنفسكم تقم لكم في أرضكم "
إنّ على علماء الأمة أن يعوا خطر المسؤولية التي ملّكهم الله إياها ، وأن يعلموا أن زلّة العالم مضروب لها طبل وخاصة طبل الفيس بوك الذي أصبح يشدُ لكل أمسية ثورية .
أمّا شنقيطي تاكساس الذي أصبح شنقيطيا لقطر وأمثاله مُروجي أفكار التُرابي  فلا يعول عليهم بغير الإثارة والشغب ، كتب يوما " الخلافات السياسية بين الصحابة " يبدوا أن التحولات الفكرية التي يمر بها لم تتوقف فهاهو اليوم ينادي بنظام إسلامي ديمقراطي عبر حزب تواصل مُستخدما منبر موقع الأخبار موقع من لا موقع له  ، عبر مقاله " عزيز ومسارات النهاية "
حيث يقول في مساراته الفكرية " والخيار الثاني: أن يفهم عزيز –وهو عسير الفهم- أن الحكم المدني الديمقراطي أصبح أمرا لا مناص منه "
يا ليت إخوانيونا الجدد تحلو بثوب البنا وطبقته الرائدة في مجال الفكر والأدب ، وما تركه  ذالك الجيل من تراث ـ معالم على الطريق ـ في ظلال القرآن ـ وغيرها من كُتب أثرت في كثير من مَن ليسوا إخوانيين .  
إنّ الثورات اليوم أخذت منحا آخر كان الهدف منها هو رفع الظلم عن الفقراء والمساكين ويبدوا أنها أصبحت أشبه ما تكون بالحملات الانتخابية وخاصة في موريتانيا .
وأخيرا ظهر على المشهد الموريتاني نزاع بين الشيخ الددو وحمدا ولد التاه لتكتمل الصورة الثنائية  أحدهم يدعوا إلى الثورة والآخر يحرمها فلمن ستكون الغلبة ؟
لاشك أن الشيخين عالمين جليلين يستحقون التقدير والاحترام مخطئهم مصيب فلا داعي لمناوشات بين الأتباع .
 إنّ في عالمنا اليوم أصبح يصدح بالثورة كل من هب ودب متخذا منابر شتى مناديا "الشعب يريد" نجح البعض وخسئ البعض فيا تُرى متى نحكم العقول ونقول العقـــل يــــــــــــــــــريــــــــد.
                                          المهدي بن احمد طالب

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :
المقالات