إنني لا أفهم لماذا تراجع أداؤك النضالي ، لقد كنت تصم الأذان أيام معاوية ، أيام كنت غاضبا من الرق ومعاناة الأرقاء ، ولولا ذكاء من " الخليل " وصحبه (أحد أجنحة التيار الناصري العروبي ) لما تراجعت إلى بعض رشدك ، ولولا هم لكنت أكثر تطرفا من بيرام ، ولأحرقت البلد ، وليس بعض الكتب فحسب !!!.
أجل كنت من قيادات الحر ، وعندما نجح معاوية معاوية مؤقتا في تدجينك بأبهة ومنافع التعيين والتوزير ، رجعت إلى سابق معارضتك الحادة المباشرة ، بعد إقالتك من وزارة التنمية الريفية .
نضالك لا يخلو من صدق ومتاجرة ببعض معاناة ا لأرقاء السابقين ، وبعض شعارات أخرى ،ضمن سياق الدعوة للديمقراطية والعدالة ، وغيرها مما يحلو لك استغلاله وركوب موجه العاتي المضطرب .
أما المال والمنافع فحدث ولا حرج ، لقد أكلت من مائدة حكم معاوية ، وحين أقالك ، غضبت وزفرت ،وأوهمت المخاطب الساذج ، أنك تدعو لمصلحة الوطن ، والسواد الأعظم من الناس .
ثم دخلت في المرحلة الانتقالية ضمن سياق
التبرير والتسويغ ، إلى أن اصطدمت بجدار الحارس الانقلابي العنيد ، عندما انقلب وكتيبته البرلمانية على الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله ، الذي أختاره العسكر بعناية ، لا تخلو من عامل وامتياز المصاهرة القبلية ، الواضحة الخلفية والغرض الضيق .
وبعد ما اختلط الحابل بالنابل ، دخلت حلفا مشبوها مع عزيز المارد على الشرعية وصناديق الاقتراع ، موهما نفسك وحزبك ، وبعض مواطني هذا البلد المسكين ، أن في الأمر مصلحة عامة وابتغاء للاستقرار .
واليوم تصرح أنك أخذت العون من عدو الحرية الإعلامية المقدسة ، المتكبر الظالم محمد ولد بوعماتو ، وأمام الرأي العام تفصح طموحك وحرصك على المال الربوي المشبوه المصدر ، سواء من جهة تبييض الأموال العمومية ، أو الاقتراب الخطير من دائرة ربع المخدرات - حسب بعض المعلومات غير اليقينية وغير القابلة للنفي السهل - فتقول بعد الغداء في منزل على طريق أكجوجت ، طلبت منه 20 مليون أوقية ، ميزانية حملتنا البرلمانية فأعطيت ، وقد فصرت عن عدم عقل ، فلو طلبت أكثر من ذلك لنلته .
مبروك الدخول في سياق أحزاب " البشمركة " والمعذرة للأكراد العراقيين ، فهذه الكلمة في قاموسنا بمعنى آخر معروف !
والأغرب فتواك بجواز القتل بقصد استتباب الأمن . فلو مات اليوم فاضل ولد المختار – حفظه الله ورعاه ووفقه في مبتغاه السلمي المشروع - لكنت قد شاركت في دمه ، ومأساته على يد عصابة القمع " العزيزية" المتهورة !!!.
ثم تحرض شباب موريتانيا ، من مختلف فئات المجتمع ، على التحرك للنهب والحرق في حالة إشتداد أوار الثورة السلمية البيضاء المظفرة بإذن الله . قائلا " إنهم يمثلون ثلاثة أرباع المجتمع المنهك ويرون كذا وكذا من النعيم ولن تفوتهم فرصة الإفساد ".
تهنئة على التعيين الخفي ( المكلف بمهمة) + رئيس الجمعية الانقلابية البرلمانية .
شكرا على التحريض في ثوب النصيحة ، التي لا تخلو من حقد فئوي مكشوف.
سبحان الله . كلهم دعموك ، أبناء عمومة معاوية ، أبناء عمومة عزيز واعل . مثل ما صرحت به من دعم ولد بوعماتو ، الذى لا يريده قطعا لوجه الله !
ولو أصررت على إقالة ول اطمان في أنواذيبو ، إبن عم ول بوعماتو وصديقه الوفي ( وهذا تنويه لا عيبا ) رغم اختلافي مع ول بوعماتو ونزاعي معه ،قضائيا وإعلاميا .
أجل ، لقد وفيت بالهدف من عشرين مليون ، مهما أدعيت من شفافية إقالة بعض أعضاء حزبك في انواذيبو ، إثر الانتخابات البرلمانية والبلدية المنصرمة .
ولتعلم يا سيادة الزعيم السياسي الملهم مسعود ، أن موريتانيا فقدت، الراحل المؤسس المخطار ولد داداه ، ولم تتوقف قاطرتها الوطنية عن السير، رغم النواقص والأزمات والتحديات المتنوعة الكثيرة .
وفقدت موريتانيا ضباطا أبرارا شجعانا ، مثل الشهيد أسويدات رحمه الله ، وغيره في حرب الصحراء ، ولم تفقد من يدافع عن حياضها وحرمانها وحدودها .
إن بطون الموريتانيات لم تعقم بعد ، لله الحمد .
وفقدت الحبر العلامة البحر بداه ولد البصيري رحمه الله ، ولم تسقط السماء على الأرض ، واستمرت الحياة من بعد الحزن الشديد التلقائي ، على علماء الأمة وورثة النبوة ، من غير وحي ، ففي الأثر " العلماء ورثة الأنبياء ".
وفقدت موريتانيا العلامة والشاعر والوزير والحافظة والورع محمد سالم ولد عدود رحمه الله، ومع ذلك لم ينفخ في الصور ، وترحم الجميع على هؤلاء جميعا ، ولكن كل مصيبة هونا هونا ، مع المقارنة بمصيبة الأمة في فقد قائدها وقدوتها وأسوتها ونبيها ورسولها الخاتم محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
أما النصيحة بأن نبادر إلى إطفاء النار الذي أوقدت ( موضوع العبودية) قبل رحيلك، أمد الله في عمرك ، فأقول لك صراحة ، أنتم يا معالي الوزير السابق ورئيس الجمعية الوطنية أحق بإطفائها !!. سبحان الله ، هل أصبح الظهور في تلفازنا المغتصب معجزة !!!.
" يا أهل موريتانيا " يا أهل موريتانيا" ... إن هذا الخطاب خادع ، ماذا عن ثروتك وسوء تسييرك في الجمعية الوطنية ،والمحسوبية تحت قبة البرلمان ـ إن صحت الاتهامات الموجهة إليك ـ ؟!.
تروي الألسن ـ على وجه التواترـ أن فتى محظوظا ، كانت أمة يوما في حرم رئيس جمعيتنا الموقرة ، استغل الفرصة ، فكان له ما يريد من عمل بسهولة ويسر . هل هذا هو الرئيس المنتظر، في حسابه وحساب بعض أنصاره المغرورين بشعاراته ، وتشنجاته المخرجة ، بإتقان ودهاء ، وحساب تجاري دقيق .
وكل هذا معقول مقبول في حساب سياسيي موريتانيا ، لأن عزيزنفسه، قبل التمويلات من القذافي في رئاسيات 2009 ، ومع ذلك أقال عميلته بنت مكناس بعد إندلاع الثورة ، وسجن السنوسي ، ويهدد باستمرار بمقايضته بالمال والامتيازات المعنوية والمادية المغرية ، أو يحتفظ به ، إن كان ذلك أكثر فائدة لحكمه ، وهو الأرجح .
وأحمد ولد داداه زعيم المعارضة قبض في انتخابات 2009 مليون دولار بالتمام والكمال ، مع ما أعطاه محمد ولد أنويكظ ، الذي سجنه عزيز، بسبب شجاعته الزائدة ، والتعبير الحر المشروع ، عن خياره الانتخابي الشخصي .
وأحد أعضاء حزب تواصل البارزين ، كان حريصا على تسجيل اسم ولده ، في لائحة مواليد "الفاتح " من سبتمبر، عند السفارة اللليبية في انواكشوط ، أيام حكم القذافي .
وآخر صلى معه ، وهو معروف بنكته المصرية ، وعندما احتج عليه أحد الزملاء ، قال كانت مجاملة فحسب !. الصلاة مجاملة ، يا رفيق دربي .
أجل ، كل السياسيين انتهازيين ، مصابين بسيدا حب المال والكرسي ، ( بئس المرضعة و بئس الفاطمة )، إلا من رحم ربك ، لكن الأخطر هو التحريض الخبيث - غير البريء على رأي البعض - على الحرب الأهلية والقمع .
حفط الله فاضل ولد المخطار وصحبه ، من إصرار المستبد بالأمر العمومي عزيز على القمع وفتوى مسعود ، وغيره من السياسيين والفقهاء المتساهلين ، بدماء الناس وأعراضهم وحرماتهم ، بحجج واهية منحازة ، للظلم وأتباعه ومجسديه ، وينسون حث الرسول صلى الله عليه وسلم على أفضل الجهاء " كلمة حق عند السلطان جائز ".
ورب الكعبة ، سيخرج من عرينه الوهمي ، بإذن الله ، ولن ينجح أحد – إن شاء الله – في تفرقة صف المسالمين المناوئين، لجبهة الانقلابات والمؤامرات " العزيزية " .
وليفعل زعماء "المعاهدة " ما شاءوا من التدبير والتحوير والتحريف لكلم المعارضة ، في إطار عبقرية صنع المصطلح الموريتاني الجديد الغريب ، المستحيل ، ( معارضة النظام ) أي المعارضة شعارا للنظام ، المؤيدة له في الواقع .
لقد أبدعتم في التبطيل والتبرير، لكنكم فشلتم في كسب معركة الضمير والصدق والنصيحة والإقدام ، ولكم أن تذهبوا أي مذهب ، لا يهم ، لن نترك لكم جرحا غائرا في أنفسنا ، دون دواء بالرد على الأقل " والبادئ أظلم" والله الأمر من قبل ومن بعد.
على كل حال لقد كلف نفسه بمهمة ، والمكلفون بمهام هذه الأيام ، تجدر الرقي من كيدهم الصعب المكشوف .
والتمييز بينه وبين النصح الصادق فن صعيب المنال ! .
" ستكون فتن يصير الحليم فيها حيرانا ".
ويبقى لمسعود نضاله ، في تأسيس حركة الحر مثلا ، رغم توظيفها بعد ذلك في مهام أخرى مريبة.
ونضاله طويل عريض محل جدل ، من حلقاته ، ضمن الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ، مناهضته لانقلاب عزيز وصحبه وبرلمانييه ، على رئيس مدني ، رغم شوائب الاختيار والتحالفات في الدور الثاني .
ومهما قلنا في مسعود 2012 ، فإن مسعود القديم ، كان يوما ما ، مناضلا صارما ، بريئا نسبيا .
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبالك يسأم
لقد قال بأنه بلغ السبعين ، فلكل سن مصاعبها وخصوصياتها .
وآخر العمر ، لا يحب من بلغ محطته ـ ما شاء الله ـ التفريط فيما يراه مكسبا .
مسعود اليوم، رئيس يجلس على أريكة الجمعية الوطنية ، ورغم شوائبها تبقى إمارة ، لها انعكاساتها النفسية والعقلية والسياسية الكثيرة ، وأقلها الحرص على البقاء على متن الكرسي الجذاب !.
وخلاصة القول ، له ماله وعليه ما عليه .
اللهم ألهمه الصواب ، واغفر لي وله وللمسلمين جميعا .
ما من صواب فمن الله ، وما من خطئ فمني ، استغفر الله العظيم وأتوب إليه .
بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن / المدير الناشر ورئيس تحرير يومية الأقصى