تابعنا على الفيس بوك

رسالة من الرئيس تانجا إلي الجنرال ولد عبد العزيز /...... سيدي بن عبد المالك




عزيزي الجنرال
اكتب إليكم هذه البرقية قبل فوات الأوان و كلًي أمل أن تكون هذه الرسالة مبعث عبرة و تدبر،فالدهر قلب و شواهد اليوم تؤكد أن دوام الحال من المحال.

سيدي الجنرال


تدرك جيدا أن أوجه الشبه التي تجمعنا كثيرة و متعددة. فالفترة التي انقلبتم فيها علي السلطة في موريتانيا كانت ذات الفترة التي كنت فيها عاكفا علي تعديل دستوري يتيح لي البقاء في السلطة حاكما مدي الحياة،وذلك قبل أن تجهض مجموعة من الجنرالات المقربة مني هذا الحلم.

مع أن ظروف وصولي للسلطة تختلف في الأصل تمام الاختلاف عن الظروف التي جاءت بك أنت إليها.فقصتي مع السلطة تعود إلي عام 1999 حيث انتخبت رئيسا بأصوات غالبية شعب النيجر و بتحالف سياسي عريض ،و ذلك بعد عدة محاولات للظفر بها عن طريق صناديق الاقتراع ،و بعد أن خلعت بزتي العسكرية قبل ذلك بسنوات.

رفيقي الجنرال


إن بلدي النيجر مر بهزات سياسية و أمنية قوية. غير أنها تميزت في العقد الأخير بتحولات جريئة في مسار التجربة الديمقراطية، بدأت هذه التحولات باختيار دستور جديد سنة 1999 يمنح حق التحزب السياسي و يفتح أجواء كبيرة من الحريات ،و مرت بانتخابات رئاسية شفافة،و انتهت بتكريس حالة من الممارسة الديمقراطية الواعدة .و قد بوأ هذا الحراك السياسي القوي في اتجاه إرساء تجربة ديمقراطية واعدة النيجر من أن تكون محل إشادة و تقدير ،كما غطي على معالم الواقع الاجتماعي الصعب ،و الحالة الاقتصادية المتردية لبلد يصنف بمقياس امتلاك الثروة من أغني دول القارة السمراء ،و يأتي دائما في ذيل قائمة الدول الفقيرة وفق تصنيفات المؤسسات المهتمة بالتنمية التابعة للأمم المتحدة.


رفيقي الجنرال



لقد بدأت أنحرف عن خط الإجماع السياسي عندما قمت بتعديل الدستور في 4 أغسطس 2009 ،لأجد نفسي بعد هذا الأجراء وحيدا ،فقد تجاوزت دون شعور كل الخطوط الحمراء و ذلك بالدوًس علي المؤسسات الدستورية التي تقف أمام تحقيق هدفي .و حتي أتسلح بأنصار جدد في ظل تراجع داعمي من القوي السياسية و انحسار مؤيدي في منظمات المجتمع المدني و النقابات العمالية ،يممت وجهي صوب قائدنا الراحل الزعيم معمر القذافي لكي يساعدني في كسب ود متمردي الطوارق بالشمال الذين كانت عملياتهم المسلحة آنذاك تقض مضاجعي.


أما على مستوي المواجهة مع المعارضة السياسية فلم أبخل بغال و لا نفيس ،كيل من التهم و سيل من مذكرات التوقيف و الاعتقال في حق أبرز وجوه المعارضة بمن فيهم الرئيس الحالي آمدو اسيفو،و تضيق تام على الأنشطة السلمية للمعارضة .

ذاك على المستوي الداخلي، أما على المستوي الخارجي فمع رفض منظمة دول غرب إفريقيا لي كرئيس بسبب انتهاكي لمواثيق المنظمة القاضية بعدم المساس بدساتير الدول الأعضاء ، فمع هذا الرفض فتحت مناجم اليورانيوم ببلدي لشركة أريفا الفرنسية العملاقة حتي أتمكن من امتلاك قلوب الفرنسيين و إسكاتهم و إبعادهم عن تجاذبات المشهد السياسي الساخن في النيجر.

رفيقي الجنرال


لقد حاولت في الوقت بدل الضائع ،و بعد أن "فات القطار" إصلاح ذات البين مع المعارضة السياسية بإجراء حوار سياسي يُفضى إلى مخرج توافقي من الأزمة المتفاقمة ،لكنني سرعان ما أعلنت عن سحب ممثلي في جلسات الحوار لأجهض بذلك فرصة ثمينة في اتجاه التسوية السلمية.


عزيزي الجنرال


صباح يوم 18 فبراير 2010 عندما كنت اجتمع بوزرائي لاتخاذ إجراءات عقابية صارمة في حق الأساتذة المضربين ،ولتعليق عضوية بلدي بمنظمة دول غرب إفريقيا أو الانسحاب منها ،أقتحم بعض رفاق دربي بالأمس من الضباط مجلس الوزراء ليقتادوني ذليلا على متن سيارة عسكرية إلى وجهة مجهولة ، ليتحطم بذلك حلمي في البقاء في السلطة على ألحان موسيقي البيان الأول للمجلس الأعلى لإعادة الديمقراطية برئاسة الجنرال صالو جيبو ،و لتبدأ النيجر مرحلة انتقالية جديدة خالها البعض استمرارا لموسم التيه السياسي الذي عاشه البلد من قبل.

لكن الجيش هذه المرة كان صادقا في وعوده بتسليم السلطة للمدنيين،حيث اشرف علي تنظيم انتخابات حرة و نزيه أفضت إلي وصول المعارضة،وذلك دون أن يكون للمؤسسة العسكرية دور في التأثير في مسار نتائج هذه الإنتخابات.

عزيزي الجنرال


ارتأيت إن أزف إليكم هذه الخاطرة ،و أنا أتابع عن كثف الحالة السياسية و الاقتصادية المعقدة ببلدكم ،لعلي أكون بذلك قد أسديت لكم معروفا.

أبلغكم في الأخير تحيات كل من الساعدي القذافي ، و بشير صالح فقد بدآ التكيف مع الوضع المعيشي الصعب في النيجر ،كما أن الحكومة منحتهما الوثائق الرسمية للجوء السياسي .


مامدو تانجا الرئيس السابق لجمهورية النيجر،و الخارج لتوه من سجن كولو.

انيامي 15-03-2012

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :
المقالات