تابعنا على الفيس بوك

المفلسون .... وسنة الإنزعاج / محمد حيدره مياه


 


 
سيقول السفهاء من الكتاب والمحللين ما بال الإسلاميين وثورتهم التي يحاولون ؟!

وقد لا يكون السؤال غريبا إذا ما علمنا أن مبعثه عمق الانزعاج من النجاحات التي يحققها الإسلاميون شرقا ومغربا؛ وهيستيريا الخوف من "الحل الإسلامي" القادم في كل موطن، وشمسه التي أشرقت في سماء الوطن العربي الإسلامي بعد صقيع علماني وليبرالي وقومي أباد خضراء الأمة وأهلك الحرث والنسل.


سيقولون – وهم المؤمنون بالاستبداد حقا - ما نرى في ما تقولون – أيها الثائرون – من الحق شيئا، وإنكم لتكفرون نعم الله عليكم.. و"إن موريتانيا لَبخير".. كذلك يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا!.


المتناقضون.. وغباء الطرح

هم ثلة من كتابنا وطبقة "المسقفين"، ينشرون دوما في الصحف، والمواقع وصفحات التفاعل الاجتماعي، يثرثون كثيرا عن واقع الوطن، ينظرون للديمقراطية وحرية الرأي، يعيبون الفساد وأهله، - إلا ما كان منه بفعل الرئيس-!.

ومع ذلك "يحسبون كل صيحة عليهم العدو"؛ يرون في المعهد العالي ميدانا للتحرير، وإضرابات الأساتذة عصيانا مدنيا، واعتصامات الطلبة وحملة الشهادات مؤامرة دولية على نظام الرئيس عزيز – المفجر الأول للربيع العربي حسب قولهم!- إنهم يخافون من كل شيء ، حتى أنهم بلغوا من دقة التحليل وقوة المنطق إذ أقنعوا أنفسهم بأن اختفاء صفحة من الفيس يمكن أن يقف وراءه حزب سياسي بأكمله! وكأن الفيس ولاية من ولايات الوطن!.


لا تعجب إذا قلت لأحدهم إن الإسلاميين قلة قليلة في موريتانيا واهتز طربا لذلك وتصديقا لك، ولكن ذلك لا يمنعه أيضا من أن يدوس عقله بذيله ويناقض نفسه بنفسه ليقول لك إن الإسلاميين هم من يحرك الجامعة والمعهد العالي وجميع الاضرابات والاعتصامات هم من يقودها! وإنهم يقودون مؤامرة كونية على هذا الوطن، وإنهم هم من دفع المعارضة إلى التصعيد.


ولو استرسلت مع أحدهم لقال لك إن الجفاف مؤامرة يقودها "جميل منصور" بالتعاون مع هيئات الجفاف العالمية!. فلا وربك لا يستقيم لهم طرح، ولا يصدق لهم تحليل.

بين المساجد ومخابز السياسة..

بين المساجد ومخابز السياسة.. باؤك تجر وبائي لا تجر!
يذكر النحاة في طرائفهم أن رجلاً سأل آخر: ما فعل أبوك بحمارِهِ ؟
قال: باعِهِ! –بكسر العين-
فقال له: قل باعَهُ ولا تقل باعِهِ.
قال: فلِمَ قلت أنت بحمارِهِ؟.-بكسر الهاء-
قال: لأن الباء تجر.
فرد مُستنكراً مُتعجباً: وهل باؤك تجر وبائي لا تجر؟؟؟!!!. هكذا هو الحال في شريحة الأئمة والفقهاء عندنا، فهم أكثر الشرائح تسيسا، إلا أن "السياسة" حلال على "أئمة الأغلبية" حرام على غيرهم – ممن لا يأكلون مرقة السلطان!.

وما "فضيلة" الأغلبية، وحزب "السكوت" - الأئمة المدجنون- إلا نماذج للبقية الباقية.. قد يكون مفهوما أن يخرج علينا أحد أباطرة وزارة الشؤون الاسلامية في عام 2004 ليهدد بتحويل المساجد إلى مخابز، أو ليقول إن الشيخ الددو أسس جمعية أشرار، أو إن من لم يوقع بيان تأييد ومساندة لفخامة القيادة الوطنية، سيجعل في مكان الكبش من السيارة!.


لكن أن تظل هذه العقلية المتعفنة معششة في أذهان الطبقة العالمة أو المتعالمة.. إلى يومنا هذا فالأمر مستغرب جدا.


فقد أصبح ممن الواضح اليوم أن لحم العلماء ليس مسموما؛ إلا ما كان من حواشي فخامة القيادة..! ومن المفهوم أيضا؛ أن يقول أحد كبار علماء البلد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان حيا لنصب محمد ولد عبد العزيز خليفة للمسلمين، وأن يقول آخر إن "عزيز" رئيس للعمل الإسلامي، وأن يقول آخرون كثر إن الرئيس "عزيز".. هو المعتصم بالله، فاتح بلاد إفريقية ومنشأ مسجد شنقيط, والآمر بطباعة مصحفها... وأحد قادة المرابطين فيها –أطال الله لحيته-.


ولكن يحرم على غير هؤلاء من العلماء أن يتكلموا في السياسة أو يحوموا حومتها. لأن ذكر الحكم الشرعي في شهداء معركة الطغاة والشعوب المسلمة، لا يجوز بيانه في أرض الجنرالات..!


وليس غريبا أن يجعل الشيخ الددو مرمى لسهام موجة من السباب والشتائم في حملة مسعورة على الإسلاميين.


النظام الحالي لا تحتفظ ذاكرته الخرفة المهترئة بدور الشيخ الددو في تخليصه من خطر التطرف والغلو والإرهاب الذي أحدق به ذات يوم! حتى وصل خطره إلى العاصمة حيث أصبحت مسرحا لعملياته.. وكيف ساهمت مؤتمرات الوسطية ومحاضرات الشيخ في كف العشرات من شباب الوطن عن الوقوع في مستنقع التكفير والتفجير.. بينما كان هناك –علماء آخرون غارقون في (استوب سيدا Stop SIDA) يأكلون من أموالها ويدخرون –

وإن كان الشيخ الددو قام بذلك بدافع حب الوطن والقيام بالواجب تجاهه إلا أن النظام يصدق فيه قول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا!

إنها موجة الشتم والسب للإسلاميين، التي تغرق فيها أقلام وألسنة الــلاهثين خلف سراب هذا النظام، ورحم الله محمد الغزالي حين قال: (العاجزون عن العطاء مهرة في الغمز واللمز، والأمم التي لا تعرق في ميادين الكدح يكثر ضجيجها في نقد الآخرين)!.

الأشرطة المستهلكة...

لا تكاد تحصى إبداعات تلفزيوننا الوطني، وإذاعتنا الوطنية، فقد عودونا – جزاهم الله حرية- في كل فترة يحرج فيها النظام والمدافعون عنه بأذيال الفتاوي اليابسة، حين يبين العلماء الناصحون ما للسلطان وما عليه.. بقوة الحجة والبرهان والدليل الساطع.. فتلجأ التلفزة ومثلها الإذاعة إلى "أشرطة" اعتادها الناس وحفظوها.. فتشغل أحد أوجهها حسب الطلب.

هي أشرطة يعرفها الكثيرون منكم، - ليس عليها تاريخ لانتهاء الصلاحية!- وإنما هي صالحة لكل زمان ومكان وكل سلطان وشيطان..، يمكنك أن تجد فيها حكم الخارجين على وليَّ الأمر، وأهمية محاربة السيدا، والكلام على فقه السكوت، -إلا عن التصفاق - وفقه الكلام والحديث والصياح.. وفيها عيب العلماء – الذين يثيرون الفتن!- وفيها الأحاديث المروية عن السفير الأمريكي، وفيها الكلام على إباحة الفساد "للفاسق المتغلب" الذي لو كان رسول الله صلى عليه وسلم حيا لنصبه خليفة للمسلمين!، فيها من كل شيء زوجان ولكل نظام وصفان ولكل حكومة حكمان! وفيها الكلام –وقائله- له وجهان، فبأي آلاء ربكما تكذبان؟.


ليس فيها من كلمات القاموس سوى: (اسمعوا وأطيعوا وبايعوا وشايعوا..) ونحو ذلك.. منهجها: التفسير والتبرير والتحوير والترخيص والتمرير.. فيها الكلام عن المساجد والمخابز.. و العلماء والسيارات والكباش..! فيها وصف الجنة التي وعد "الأغلبية وأحزابها" وجهنم التي تكذب بها "المعارضة ورؤساؤها"، فيها خطر كلام –علماء المظاهرات- على الخلافة الإسلامية القائمة في بلاد شنقيط.. وأميرها الحاكم بأمر الله أبو بدر بن أبي عزيز..


فيها منجزات الرئيس، ووصف عقله النفيس، وسفه تفكير معارضيه، وسوء تدبيرهم، فيها حكم المظاهرات، وتأصيل أحكام القمع، على مذهب "مالك".. إنها بكل اختصار –موسوعة-:


تجمع بين ذا وذي والنون *** والضب والفاتن والمفتون.


إنها إحدى عجائب الدنيا السبع..!


وربما يكون نالها حظ من تعب السنين، وإرهاق الزمن، أو تآكلت أ جزاء منها.. إلا أنها تبقى - مع ذلك – أفضل وأحسن ما تقدمه التلفزة والإذاعة الوطنية لتخدير الشعب.. كلما أحست أن هناك من يستمع له الناس غير هذه "الأشرطة المستهلكة"!.

من فضلك اقلب الشريط..!

أتذكر أنه مع نهاية كل شريط –من الأشرطة القديمة- تسمع صوتا ينبهك قائلا: "من فضلك اقلب الشريط"! وهذا التنبيه هو ما تحتاجه اليوم التلفزة والإذاعة إلى أن تنبها عليه! هي وضيوفها المحترمون! فرجاء اقلبوا هذي الأشرطة المستهلكة جميعا؛ لقد سئمناها -رغم- ما تمتاز به من رداءة في الصوت والمضمون!. إنها لاتسمن ولا تغني من جوع.. اقلبوها قبل أن تقلبها الأيام..! تصبحون على "فقه الإشارات!".

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :
المقالات