تابعنا على الفيس بوك

قطاع الصحة بكنكوصه : فوضى و إهمال و متاجرة بآلام المرضى




المكان أمام مبنى مقاطعة كنكوصه حيث يقف المواطن الدده ولد ابريك وقدماه ترتعشان يحمل في يديه علبا من حبوب " فياكرا " المنشطة يتحدث في سلوك شبه هيستيرى يصيح أريد من ينزع عني شيئا في وركي أغيثوني أنا لن أنهي الشهر سوف أموت لقد قتلني لقد قتلني لقد قتلني.
بدا الأمر للحاضرين مدعاة للضحك والسخرية لكن تفاصيل القصة أشبه بدراما عاشها الدده كمئات بل آلاف من من قدر لهم أن يكونوا من ساكنة كنكوصه يقول الدده لقد أحسست بضعف في بنيتي الجسدية فتوجهت إلى أحد "الحجابة" وأعطاني بعض الدواء لكنه أمرني أن أذهب إلى طبيب نقطة "تكلوزة" الصحية  ببلدية هامد حيث أقطن ليعطيني أقراصا تنفع في فقر الدم وفور مجيئي فوجئت به يحمل حقنة في يده صحت في وجهه لماذا لماذا !!!! أنا لا أحس بأي شيء قال لي اصمت وأودع الحقنة في وركي وأعطاني هذه الحبوب وبعد استعمالي لها  أي منذ خمسة أيام  لم أستطع النوم  كما يُخَيًّل إلي أن صواعق تتساقط على عريشي منغصة علي حياتي ولم أنعم بالهدوء أنا إذن في كابوس.
خرج حاكم المقاطعة وسجل كلامه وأمره بالذهاب إلى المركز الصحي ووعد باستدعاء الطبيب المسؤول.
قصة الدده وإن كانت حجة طرف واحد  في قضية جنائية فإنها تسلط الضوء على واقع من التلاعب والفوضى والإهمال يعيشه قطاع الصحة في مقاطعة كنكوصه.
المركز الصحي بالمدينة الذي أنشئ في تسعينيات القرن الماضي بتمويل من دولة العراق و تم حينها تجهيزه بمختلف اللوازم بقي اليوم خاويا على عروشه نتيجة عمليات النهب المنظم لمعداته وخصوصا الأسرة والمكيفات كما يعاني من نقص الترميم حيث لم تعد حجر الحجز فيه مستوعبة للمرضى ولا صالحة لاستقبالهم مما استدعى من المسؤولين حجزمرضاهم تحت أعرشة من الإسمنت خالية من الأسرة وهو أمر وقف عليه الوزير وعاينه قبل وقت دون أن يحرك ساكنا.








الوزير عاين كذلك خلال زيارته للمركز الصحي غرفتي الأسنان والتوليد وفي حين  احتوت الأولى على سرير طبي صدئ أصبح في عداد القمامة لم تشتمل الثانية سوى على سريرين للتوليد منحتهما قبل عام جمعية العون المباشر الكويتية إلا أن المعدات واللوازم والأدوية تعوز القائمين عليها حسب منينة بنت محمد الأمين القابلة الوحيدة بالمركز.

مهمة العلاج في المركز تعتبر بنظر البعض مغامرة قد تفضي بصاحبها إلى الموت حيث تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الوفاة لمرضى بعد أن تمت إحالتهم إلى كيفه وهم في حالة صعبة إثر تلقيهم لعلاجات لا تمت لأمراضهم بصلة خلال فترة حجزهم الطويلة ليكون الموت بانتظارهم على بعد كيلومترات فقط من كيفه.

الصورة مأخوذة قبل شهر من الآن

ممارسات الأطباء في المركز والنقاط الصحية التابعة له يثير بشكل كبير هواجس المرضى وأهليهم الذين تحول المركز الصحي برأيهم إلى صيدليات شخصية رغم قرار إداري بحظر افتتاح عيادة أو صيدلية في المدينة دون ترخيص إذ يكتب الطبيب الوصفة للمريض ويناوله الدواء من حقيبته أو سيارته في تجاهل تام لخصوصية بعض الأدوية التي تستدعي التكييف  أو يرجع الوصفة إلى جيبه ويخاطب المريض  بكل وقاحة هذا الدواء عندي في المنزل اتصل بي هناك عند عودتي بعد الثانية عشر زوالا .
تصرف وإن كان يمثل للكثيرين تلاعبا بمهنة شريفة كالطب واستغلالا للمرافق العامة كمحال تجارية إلا أنها تعتبر أقل خطرا من أخطاء ارتكبها زملاءه أودت بالبعض إلى الوفاة حيث فارق الحياة  قبل شهرين فقط مواطن في بلدية هامد بعد أن امتنع أحد الأطباء عن إنقاذه بحجة أن سيارة تحمله لا يمكن أن تجتاز الماء و هو أي الطبيب لا يمكن أن يبقى بعد السيارة وفق ما صرح به أقارب الضحية. فيما لقي صبي قبل عام مصرعه إثر وصفة خاطئة كتبها طبيب مشهور أدت إلى تورم جسده مما استدعى نقله إلى انواكشوط ليفارق الحياة بعد أيام في مركز الاستطباب وقد صرح ذووه أن أحد الأطباء أخبرهم أن سبب وفاته يعود للدواء الذي أعطاه الطبيب الأول.
أما عن النساء فحدث ولا حرج  فليس أمام الكثير منهن خصوصا ممن ابتلين بفقر الدم إلا الصبر على توبيخ القابلة قبل أن يأتي دورهن المتأخر في الإحالة إلى كيفه ليلقين حتفهن غالبا في الطريق وهو ما يفسره أحد الممرضين في تنصل كامل من المسؤولية بالطبيعة البدوية للسيدات التي تدفعهن للبقاء في البادية دون رعاية ولا توجيه وكذلك عدم توفر المركز سوى على بعض العلاجات الأولية والمهدئات .

الحملات الصحية هي الأخرى وإن كان الأصل فيها أن تعطي فرصة الحياة للأطفال فإنها في كنكوصه تمثل سببا حقيقيا لإصابتهم بأمراض مزمنة نتيجة ممارسات خاطئة يقوم بها المسؤولون عنها إذ يعمد سائق السيارة لحقن الأطفال مما قد يتسبب في شلل دائم أو أورام خبيثة كما تعتبر موردا أساسيا للدخل حيث يعمد الأطباء إلى شراء أدوية تعوزها الجودة  وتعبئتها في  مبردات يحاولون أن يعودوا بها فارغة حيث تكون بذلك المهدئات والمضادات الحيوية والبارستمول أدوية تلقائية لكل من جاء يشكو و من أي شيء ويباع بأسعار مضاعفة وبدون وصفات إلا ما رحم ربك.

تلاعب إذن وفوضى ونهب وتمالؤ هي أهم ما بقي من معالم المركز الصحي في كنكوصه وهي أكثر ما يؤرق المواطن المسكين.
  
      

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :
ملفات