تابعنا على الفيس بوك

محمد المصطفى ولد محفوظ يكتب للمدونة :كل شيئ بماءه .... قصة قصيرة

بقلم الأستاذ محمد المصطفى ولد محفوظ
في إحدى المدن الريفية يقع ذلك السوق المتميز بملامحه العتيقة وسط المدينة  وتحيط به المنازل من مختلف الجهات ، وقد اعتاد الناس التوجه إليه مع ساعات الصباح الأولي لتشهد شوارعه حركة نابضة تبلغ ذروتها في حدود العاشرة صباحا لكن سرعان ما تهدأ تلك الحركة ويعود الناس إلي المنازل بعد انتهاء التسوق اليومي المعتاد ، وذات يوم انطلقت متوجها إلي السوق بعد ما أشارت عقارب الساعة إلي العاشرة والنصف صباحا لأنني  
 
عادة أفضل الذهاب إليه في هذا الوقت الذي تتراجع فيه حدة تواجد الناس واكتظاظ الشوارع بالمارة . كنت أقترب من السوق وبدأت ألاحظ أشياء غريبة كلما اقتربت منه أكثر، لقد رأيت جموعا غفيرة من الناس تتجه صوب نقطة واحدة من السوق ولاحظت أن بعض المتاجر الكبيرة التي تقع  علي مداخله قد أغلقت أبوابها،  قلت في نفسي : سأتوقف لأتبين بشكل أفضل ماذا يجري في السوق ، أدركت أن الأمر ليس طبيعيا ! بدأت أفتش لأري أحدا أسأله لكن ما من أحد يبدو قريبا مني كل الناس يتجهون صوب تلك النقطة ... وكانت جموعهم تزداد بشكل مدهش  نظرت إلي الجانب الأقصى من السوق إذا بسواد عظيم من الناس يقبل علي ذلك المكان ، خفضت بصري إذا بسيل بشري أوله بين يدي وآخره لا يبين، ونظرت بجانبي الأيسر إذا بكل الدكاكين القريبة مني مغلقة !
 
والناس يتدافعون لا يلوي أحد علي أحد ،قد أطت الأرض والتصقت مناكب الناس بعضهم ببعض أصبح كل أحد يظن نفسه نقطة الوسط ولم يعد في مقدوري أن أتراجع أمام هذا الزحف البشري وهذا المشهد المريب ! ،فقررت التقدم إلي المكان الذي يتجه الجميع نحوه وبدأ الشوق ينتابني ويملأني الفضول لمعرفة ما يجري في ذلك المكان !!،ومضيت ألقي  بنفسي علي من أمامي من الناس وأدفع بيدي والعرق يتحدر من جسدي أقتلع رجلا وأحط أخري بمشقة بالغة ! كل ما يهمني أن أصل إلي تلك النقطة و أن أشق طريقي إلي ذلك المكان الذي يتدافع الناس حوله،  بدأت أسمع كلاما لا أتبينه عبر مكبر الصوت وبدأت أري لأول مرة بعض الناس يعودون في الاتجاه المعاكس، رأيت امرأة تحمل صحنا مطاطيا وأخري تحمل أكوابا من الحديد وعلبا يحوي بعضها صابونا  وبعضها الآخر أقراصا تستعمل للدواء، ورأيت رجلا بيده مقصا للشعر وآلة حلاقة للذقن وقد غطاهما الصدأ وحال دون رؤيتهما بالعين المجردة !... ، واصلت السير باتجاه المكان الذي يعود منه الناس وبدأت أري بشكل واضح ذلك الرجل الذي يرتدي قبعة وردية اللون وأمامه منضدة قد نثر عليها ما شاء الله من البضائع المتهالكة !
وعلي ركن المنضدة بوق ينبعث منه صوت واضح يهتف صاحبه : كل شىء بمائه كل شىء بمائه !!

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :
المقالات